دعني أكشفُ عن خبيئةٍ راودتك أيّها الزميلُ الإشراقيّ؛ حين كُنتَ تطالعُ صُور طُلاب الشيخ أحمد السيد وهم يتفاعلون مع كلامه ويتقافزون مِن حوله كان يخطُرُ لك -أوّل ما يخطُر- صُورٌ مماثلَةٌ من ذكرياتِ بثوث الثلاثاء والخميس ومشاعرها.. أليس كذلك؟
لست وحدكَ متفرّدًا بأفكارِك تلك، كُنّا جميعًا نُسِرُّها في نفوسنا موقنين أنّ كُلّ صور الدّنيا لم تكن لتسع مُحيطَ بيئتنا الصّغيرةِ أو تعكِسَ ما في قلوبنا تُجاهها.
أمَا وقد عِشنا عامًا آخر هو غيرُ ما عِشناهُ من سنين، عامٌ يضربُ اللونُ البرتقاليّ في تفاصيل أيّامه ويشغلُ حيّزًا من ذكرياته؛ فحقيقٌ علينا أن نوثّقَ ها هنا الذِكرى ونجدّد العهود، وجديرٌ بنا قبل ذلك أن نعتذرَ عن كوننا لن نوفّي ذكرَ معشارَ ما أوتينا بإشراق.
ها وقد عشنا عامًا آخر..
وقد عشنا عامًا آخر كُنّا فيه كالدِّيَكةِ نُتخمُ الآذان بصياح الصباح، فنتلقّى من النّاس التعنيفَ والتقريع لجلبتنا وضجّتنا، ثُم نلتفتُ إليهم كطّفل مُرتبكِ الخطوات يترجّى والدَه بعيونِه أن يدعَهُ يستسلمُ ويقلعُ عن المحاولة؛ فيقضّبُ والدهُ جبينَهُ بحزمٍ أنْ ليسَ اليوم، فنُعاودُ الكرّةَ نصيحُ ونصيح، وحين تطلُعُ الشّمسُ وتكلّ حلوقُنا؛ ينادوننا:
"أرأيتم؟! لولاكم من كان ليُعلِمَ الشمس أنّ عليها أن تَخرج من مخدعها الآن؟"
فيتهلّلُّ وجهُ الطّفل فينا، ونستعدُّ لغدٍ بأذانٍ أعلى وأنفاسٍ أطوَل.
وقد عِشنا عامًا آخرَ تنمو فيه شجراتُنا في الظّلالِ بصمت، نتولّى إلى الظلّ، نستندُ بتذمُّرٍ إليها، ونظلُّ نشكو بُطئ نموّها طوال الشتاء، وما إن تهبُّ نسائمُ الرّبيع إلا وشجراتُنا تُناطِحُ السّحاب تسرُّ الناظرين، لعمرُك إنّ أحدًا منّا لم يكن ليظنّ أنّه بهذه الخطواتِ الضيّقةِ كانَ ليَقطَعَ الفيافي، لكنّنا -وبعد أن عشنا عامًا آخر- بحمدِ ربّنا فعلناها.
وقد عِشنا عامًا آخر في رحابِ الأخوّة والتآلُف؛ ألفُ يدٍ ويد ممدودةٌ لمن تعثّر، وألفُ قلبٍ وقلبٌ يتسعُ لمن ضاقت عليه دنياه، ومقصدُ أن نصل جميعُنا الهُوينا مقدّمٌ على أن نسبِقَ فُرادى، واشفّع تشفّع، وأسعِف تُسعَف، واحفظ مواثيق الأخوّة لا تُنكَث، وتعاونوا على البر والتقوى، والإشراقيّ للإشراقيِّ كالبنيان يشدّ بعضه بعضًا، وقاداتُنا يعلّموننا كل ذلك كما يعلّموننا العقائد.
وقد عِشنا عامًا آخر لم نسمع يومًا فيه "أيّها الأغرار الغِضاض"، بل كُنّا رجلًا سلمًا لرجل، يُرعى لرأيك السمع، ولاقتراحك الطّاعة، ولنقدك الاعتبار، ولزلّاتك التّغافُل، ولإنجازك التصفيق، وانطلِق أيّها الإشراقيّ في بيئتك الآمنةِ تحفُّك الدعواتُ وتحرُسُك العيون.
وقد عِشنا عامًا آخرَ قالوا عنّا في بدايته "شبابٌ وشابّاتٌ تركوا مباهج الحياة"، ولو رأَوْنا ونحن نسترقُ الأنظار إلى الهواتِف بتلهُّفٌ الانتظار وشوقٍ للمفاجأة، أو حين نشهقُ مشدوهين فور نزول الرابط، وكيف أنّ كُلُ أهل بيتٍ لللإشراقيّ منّا يعرفون قُدُسيّةَ البث ومراسِمَ الفعاليات، أو عن تلك الأسئلة التي يتداولُها جيرانُنا عن جلبةِ أيّام الأحد، فيعتذرُ أهلونا عنّا: "مادة الأسبوع تنزل حينَها"، لو رأوا ذلك كلّه لعلموا أننا لم نلج إشراق إلا حين تتبّعنا ذُروة مباهج الحياة.
وقد عِشنا عامًا آخر تُجاوِرُ المعلومةُ أُختَها لتترتّب عُقولُنا شبكةً مفاهيميّةً واسعةً منظّمة، وتتمثّلُ المعاني التربويّةُ لبِناتٍ في جُدرانِ أرواحنا فلا تنقضُّ أبدًا بإذن ربّها، وتستوي شخصيّاتُنا على سوقها بهدوءٍ اتّزانًا وسواءً، ونستقبِلُ الدّنيا بصدرٍ شريحٍ وقلبٍ فسيح وعيونٍ تلتقطُ الجمالَ التقاطًا.
وقد عشنا عامًا آخر حسبُنا أن خرجنا منه بشهيةٍ مفتوحةٍ للمعرفة، ومحبةٍ معقودةٍ بيننا وبين الكتاب، واستغراقٍ في متعةِ التعلُّم ينسينا همّ "آخرِ الصفحة"، وروحٍ تستأنسُ بمجالس العلم، وقلبٍ خالطته بشاشةُ الطّريق، ولسانٍ يلهجُ بألا نتنكَّبَه، وأنفاسٍ تنهجُ بدعوةٍ جديدة: "لا تعقنا عن العلم بعائق، ولا تمنعنا عنه بمانع".
وها نحن ذا؛ نرضى أن يُنسبَ لجيلِنا ديباجاتُ الإستخفافِ والإسفاف، لكنّنا لن نرضى أن يدّعوا يومًا أنّه كان جيلَ نكران الجميل أو تنكُّر المعروف، سنكبُرُ وعلى أكتافِنا صنائعُ مَن أحسن إلينا وأكرمنا، ونشيبُ وفي أعناقِنا دينٌ لمن رمّم أرواحنا المُنهزمة، وبثّ الثقةَ والمسئولية فينا، نحصيهم عددًا، ونرفعُ لهم الدّعوات مددًا، ونقولُ دومًا وأبدًا أنّنا ما نحنُ إلا تربيةُ أياديهم.
قبل عامٍ رفع الشيخُ بدر يده ورفعنا أيادينا جميعًا وقال: "أقسم بالذي لا يُحلف بغيره أني عازمٌ عزيمةً لا ينقضها إلا قدرٌ غالب أنّي لا أترُكُكم"
وبعد عامٍ صدقنا الشيخُ فيه وعدَه نُجدّدُ نحنُ رفع الأيادي وعقد مغلّظِ الأيمان ومُبرَمِ العزمَات أنّا لا نترُكُ إشراق مُختارين ما حيينا.
-المُشرقة دومًا صفية إبراهيم رضي الله عنها وأرضاها.
إيهِ يا صفيَّة.. لا جفَّ لكِ قلمٌ ذلول مكين،، رضي اللهُ عنكِ و أرضاك..
ردحذفياااه🧡
ردحذفوالإشراقيّ للإشراقيِّ كالبنيان يشدّ بعضه بعضًا، وقاداتُنا يعلّموننا كل ذلك كما يعلّموننا العقائد.
وقد عِشنا عامًا آخر لم نسمع يومًا فيه "أيّها الأغرار الغِضاض"، بل كُنّا رجلًا سلمًا لرجل، يُرعى لرأيك السمع، ولاقتراحك الطّاعة، ولنقدك الاعتبار، ولزلّاتك التّغافُل، ولإنجازك التصفيق، وانطلِق أيّها الإشراقيّ في بيئتك الآمنةِ تحفُّك الدعواتُ وتحرُسُك العيون.
وقد عِشنا عامًا آخر تُجاوِرُ المعلومةُ أُختَها لتترتّب عُقولُنا شبكةً مفاهيميّةً واسعةً منظّمة، وتتمثّلُ المعاني التربويّةُ لبِناتٍ في جُدرانِ أرواحنا فلا تنقضُّ أبدًا بإذن ربّها، وتستوي شخصيّاتُنا على سوقها بهدوءٍ اتّزانًا وسواءً، ونستقبِلُ الدّنيا بصدرٍ شريحٍ وقلبٍ فسيح وعيونٍ تلتقطُ الجمالَ التقاطًا.
أزال المؤلف هذا التعليق.
ردحذفوها نحن آل مساق قد عشنا عامًا آخر وجئنا لنفاخر بكم ، والحق أننا لم ننتظر مرور العام لنفعل بل كنا ننظر إليكم من اليوم الأول بعيون يملؤها الحب وقلوب ترجو لكم السداد ونتحدث عنكم بلسان من يفتخر بأخيه ..بارك الله فيك يا صديقتي صفية ، و بارك الله في آل إشراق جميعًا وجمعهم على الخير والنور والبركات كما أراد لهم أستاذنا دومًا ..
ردحذفو قد عشنا عاما آخر و نحن بفخر الإنتماء الإشراقي نحيا و نرفع أكف الضراعة لله أن يجبر كسر خواطرنا و يرد البدر إلينا و يردنا إليه و آل إشراق و آل مساق ردا جميلا و كلنا في خير و سعة و اطمئنان
ردحذفصفيّة
ردحذفما أجمل هذا القلم و هذه الكلمات مملوءة بالمشاعر و العرفان و الفرح و الإشراق. لله درك يا صفية. أسأل المولوى الكرسم أن يستخدمك و قلمك في كل خير أمين
ردحذفما أجمل هذا القلم و هذه الكلمات مملوءة بالمشاعر و العرفان و الفرح و الإشراق. لله درك يا صفية. أسأل المولى الكريم أن يستخدمك و قلمك في كل خير. أمين.
ردحذفhttps://forms.gle/93bU752X2UZ9fSSXA
ردحذفالحمد لله
ردحذف