وإنّك حين تقرأ سيرته لتودّ لو أنْ تكونَ هو ...
رجل أحبَّه خير البشر ، وكان منه كظلّه الذي لا يفارقه أبدًا .
هو : عبدُ الله بن عثمان بن عامر القُرَشي التّيْمي.
المكنّى : أبو بكر .
لقّب : بالصدّيق، والصاحب، والعتيق، والأوَّاه، والأتقى.
مولده : ولد -رضي الله عنه - بعد عام الفيل، وقد اختلف العلماء في المدّة، فبعضهم قال ثلاث سنوات، وبعضهم قال سنتين وستة أشهر ، والله تعالى أعلم .
أشتهر قبل الإسلام بين قومه:
في علمه بلأنساب والتاريخ ، وكان تاجرًا ، من أغنياء قريش ، وكان مَوضع الألفة بين قومه ومَيل القلوب إليه ، حرّم على نفسه الخمر ، ولم يَسجد لصنم قط .
كان أبا بكر قبل الإسلام باحثًا عن الحق، ولما جاء وحي الرسالة؛ فاتَحه الرسول _ﷺ_ بدعوة الله وقال له :((إني رسول الله ونبيه، بَعثني لأبلّغ رسالته، وأدعوك إلى الله بالحق، فو الله إنه للحق، أدعوك يا أبا بكر إلى الله وحده لا شريك له، ولا تعبد غيره، والموالاة على طاعته )).
فأسلم وصدّقه، دون رفض، أو تأخّر
- فقد قال النبي _ﷺ_ : (( إنّ الله بَعثني إليكم، فقلتم: كَذَبت ، وقال أبو بكر : صدَق ، ووآساني بنفسه، وماله )).
وبإسلام أبي بكر فرِح النبي-ﷺ-
-حيث تقول أمّ المؤمنين عائشة- رضي الله عنها -( فلمّا فرغ من كلامه -أي النبي - أسلم أبو بكر، فانْطلق رسول الله-ﷺ- مِن عنده ، وما بين الأخشبين أحد أكثر سرورًا منه بإسلام أبي بكر ).
أسلم الصديق، وحملَ الدعوة مع النبي-ﷺ-، فدعا إلى الله منذ أول عهدٍ له في الإسلام ، فدخل بدعوته صفوةٌ من الخلق فيه ، ومنهم : عثمان بن عفان ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقاص، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله - رضي الله عنهم -.
حيث أنّه جاء بهم فُرداى فأسلموا بين يَدي رسول الله-ﷺ- ، فكانوا من شباب أهل الجنّة!.
●ومن هنا بدأت الحكاية .. لتخطّ أصدق صُحبة في التاريخ.
- حين قرّر النبيّ -ﷺ-
أن يُهاجر قال له : أبا بكر الصحبة يا رسول الله - يطلب صحبته -فقال له النبي : ((الصُّحبة)) ؛ فبكى فرحًا بصحبته !
-تقول عائشة -رضي الله عنها - (فوَاللّه ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أنّ أحدًا يبكي من الفرح ، حتى رأيت أبا بكر يبكي يومئذ)
سيرافقه إلى أين ؟؟
إلى طريق أراد فيه أن يكون سندًا لخير البشر، ولا يدري أيصل حيًا أم قتيلًا ..
- رافقه ...
-وبينما هم في الغار وصل المشركون إليه ، قال : أبا بكر رفعتُ رأسي فإذا أنا بأقدام القوم !
-فقال للنبي -ﷺ - : يا نبي الله لو أنّ بعضهم طأطأ بصره رآنا ..
-فطمأنه النبي -ﷺ- قائلًا له : ((ما ظنّك باثنين الله ثالثهما ؟))
تُرى هل كان خوفه على نفسه ؟
بالطبع لا..
-حيث أنّه قال للنبي -ﷺ- لما اشتدّ حزنه خوفًا على رسول الله، إنْ قُتلتُ فإنّما أنا رجل واحد ، وإن قتلتَ أنت هلَكت الأمّة !
-فأجابه النبي ﷺ (( لا تحزن إنّ الله معنا)) .
؛ لِتُسطّر هذه الآية في أعظم الصُّحف، بلقب يحملُ أسمى شرف {إذ يقول لصاحبه } صاحبه !
وأيُّ شرف ؟
كأن يكون صاحب رسول الله ...!
حب تترجمه الأفعال !
- حين وصلا إلى المدينة، لم يعرف أهلها
أيُّهم النبي؟ ولم يعرفوا ،إلا من فِعل صاحبه ؛ لما أصابت الشمس النبي فأقبل هو يظلّل عليه بِردائه ...
ولا أدري عن أيّهم أتحدثُ ...
أَعن تواضع النبي -ﷺ -ومُوافقته لأصحابه في مَلبسه وهيئته ؟
أم عن أبي بكر حين أراد أن يصُدّ حرّ الشمس عنه ؟
عطاؤهما فاق الوصف ، ويَستحيل للغة أن تنصفهما .
وحآن الأجل !
أخبروه أنّ النبي-ﷺ- مات، وأنّ النّاس في حالةٍ لا يعلمها إلا الله ... فلمّا وصل، رآهم يبكون وعمرٌ شاهرٌ سَيفه ... فاتّجه إلى حبيبه ، فانكبّ عليه وبكى، وقَبّله .
وقال له : طبتَ حيًا وميتًا يا رسول الله .
ودع من تخلل حبه جنبات قلبه ، ومن يفديه بروحه ، وفداه بماله.
.. ثمّ خرج للنّاس بكل ثبات ؛ ليقول لهم مَن كان يعبد محمدًا؛ فإن محمدًا قد مات ، ومَن كان يعبدُ الله؛ فإن الله حيٌّ لا يموت ...
لأنّه ؛ التوحيد فهو يقع عنده في المقام الأول .
كان خليفة الرسول -ﷺ- ، الذي تعلّم منه الثّبات في أحلك الأوقات، فثَبت، وثَبّت ..
وكان رجلا بأمّة، وجُمع القرآن على عهده؛ خشية أن يُفتتن الناس ..
وبقى ثابتًا على العهد، إلى أن تُوفي -رضي الله عنه- يوم الإثنين في جمادى الأولى سنة 13هـ وهو ابن 63 سنة
، ودُفن بِجوار خير الأنبياء -ﷺ -
وأنتَ حين وصلت إلى هنا ألا تودّ لو أن تكونَ مكان أبي بكرٍ لِتَحظى بما حَظِيَ به ؟
قل لي ..
أوَليست هذه الدنيا سفرٌ وأنت المسافر فيها ؟ أوَلست تحتاج إلى رجلٍ يدلُّك فيها على الطريق ؟
لكَ في رسول الله -ﷺ-أسوة حسنة ؛ لأنّ سُنّته هي الدليل لك في الطريق .
ولك في صديقه -رضي الله عنه- مثل أعلى ؛ دَافَعَ عن النبي بكل ما أوتي من قوة ، وليكن لك فيه قدوة .
ودعا إلى الله من أوّل عهد له في الإسلام ، وأخشى أن يمرّ عمرُك كله ، بلا دعوة قريبٍ ،أو بعيد .
الآن ...
أوَلست تُحبّه -ﷺ-؟
إنّ المحبّة تقتضي الإتباع .
أوَلست تتمنى لُقياه ؟ ألا تتمنى أن تشربَ شربةَ ماءٍ مِن يَده ؟
إذًا :
فاستمسك بالذي أُوحِيَ إليه ، والْزم سُنته ، وافرح بإقتدائك به كَفرحِ أبَا بكرٍ بقَبولِ صُحبته ، واصبِر وصَابر ..
والموعد الجنّة ، عندَ حوضه هناك ؛ بهِ وبكلّ صحابته ستلتقي ...
وتذكّر ! إنّما هي بِضعةُ أيامٍ والموعد الجنّة !
- ولا تنسى! أنّك يومًا مًا...
قد تكونُ في الغار؛ فهوِّن على نفسك ما دُمت على الحق وقل لها: لا تحزني إن الله معنا ...
لماذا ؟
لأنّ لكَ في خير الأنبياء -ﷺ- أُسوةٌ حسنة !.
شيماء حسين .
تعليقات
إرسال تعليق